الطريق نحو الهاوية
كيف يبدأ المدمن تعاطي المخدرات؟
لم يولد أحد وهو مدمن للمخدرات. لدينا عقول، وأمامنا حياة،
وعند كل منا أب وأم مستعدان لعمل أي شيء من اجلنا. وأصدقاء
يحيطون بنا، وبإمكاننا كسب أصدقاء جدد. وهناك مع البيت
المدرسة والمجتمع وهم جميعا يسعون لتأمين أفضل طريق
يناسبنا نحو المستقبل الزاهر.
ولكن البعض ينحرف عن الطريق، ويندفع نحو الهاوية. ويترك
الطريق الآمن نحو الحياة، ويتجه نحو طريق الوهم، الذي يؤدي
إلى الكارثة.
البداية نحو كارثة إدمان المخدرات تبدأ من مشكلة. أحيانا
تكون مشكلة صغيرة، ودائما هي أصغر من مصيبة المخدرات.
هذه المشكلة قد تكون مواجهة أمر عاطفي أو جسدي أو مجرد
شعور بعدم الارتياح، ويصاحب ذلك نوع من الألم، حقيقي أو
وهمي، ويتولد اعتقاد بعدم القدرة على التحمل.
من ذلك – بالنسبة للشباب والمراهقين- الفشل في قصة حب،
أو عدم القدرة على الدخول إلى مجموعة معينة أو فريق معين.
أو الشعور بأن الآخرين لا يفهمونه، خلافات مع الأسرة، فشل
وعدم تحقيق نجاح ما.
والكبار أيضا قد ينحرفون، ويأتي ذلك مثلا بعد الطلاق، أو
في حالة فقدان موطن الشغل والبقاء عاطل عن العمل، او من
جراء الشعور بالضغط النفسي. وأحيانا من جراء الألم الناتج
عن حالات الإعاقة.
كل إنسان معرض لمواجهة مشاكل، كبيرة أو صغيرة، حقيقية أو
وهمية. بالتأكيد المخدرات ليس حلا لكل هذه المشاكل وغيرها،
وإنما قد يتوجه إليها الإنسان لسبب من الأسباب ظنا منه
أنها الحل، ولكن هذا مجرد هروب من مشكلة ليجد نفسه في
مصيبة.
ويمكن إجمال هذه المشاكل التي تلعب دورا في التعاطي
والإدمان في العوامل النفسية التالية:
-
تخفيض التوتر والقلق.
-
تحقيق الاستقلالية والإحساس بالذات.
-
الإحساس بموقف اجتماعي متميز، والوصول إلى حياة مفهومة.
-
الإحساس بالقوة والفحولة.
-
إشباع حب الاستطلاع.
-
الإحساس بالانتماء إلى جماعة غير جماعته.
-
الوصول إلى الإحساس بتقبل الجماعة.
-
التغلب على الإحساس بالدونية.
-
التغلب على الأفكار التي تسبب له الضيق.
-
الخروج على القوالب التقليدية للحياة (المغامرة).
-
حب الاستطلاع وملء الفراغ.
المخدرات قد تبعد الإنسان عن مشكلته بالنسيان، لبعض
الوقت، ولكن سرعان ما تظهر المشكلة من جديد وبقوة، فور
انتهاء مفعول المخدرات. ويبدأ التفكير من جديد في الحصول
على المخدرات وتعاطيها للهروب من المشكلة ثانيةً. وهكذا
يستمر الأمر، المشكلة لم يتم حلها، والمخدرات تحولت إلى
وسيلة هروب، وأصبحت هي المشكلة.
المخدرات موجودة:
رغم عدم مشاهدتنا للمخدرات معروضة على طاولات في الشارع،
أو تباع في الأسواق والأكشاك، إلا أنها موجودة، ويتم عرضها
يوميا.
وتتناقل وسائل الإعلام أخبار القبض على مهربي المخدرات
ومروجيها.
وانتشار المخدرات يختلف من بلد إلى آخر، وازدياد عرضها
يتوقف على الكميات التي يتم تهريبها.
الترويج:
يتم ترويج المخدرات بعدة طرق، وعادة ما يتم تقديمها عن
طريق الأصدقاء والمعارف، وفي المرات الأولى تعطى أحيانا
مجانا كمصيدة.
بالنسبة للشباب والمراهقين فعادة ما يتم عرض المخدرات
عليهم من طرف أندادهم، الذين يكونوا قد تورطوا في تعاطيها
ويتقاضون على ذلك حوافز، قد تكون في صورة أموال، أو حتى كي
يحصلوا على جرعة من المخدرات.
وهكذا فإن المخدرات بمختلف أنواعها تُعرض يوميا على
مجموعة كبيرة من الأشخاص. منهم من يرفض رفضا قاطعا حتى
الاقتراب منها، ومنهم من يجربها لمرة واحدة، وهناك من يعيد
التجربة، وهكذا يكتشف هذا الأخير بعد مرور الوقت انه أصبح
مدمنا عليها، ولا يستطيع التوقف عن تعاطيها. وهذا هو
الإدمان.
الإدمان:
الإدمان على المخدرات نوعان: إدمان نفسي وإدمان جسدي:
الإدمان الجسدي:
الإدمان الجسدي هو تعود الجسم على مادة من المواد، اذا ما
تم التوقف عن تعاطيها وافتقدها الجسم يصاب باعراض
الامتناع.
ومن هذه الأعراض: الشعور بالتعب، والشعور بالضعف، وتقلص
معدي، إسهال، غثيان، قيء، حمى، ألم في العضلات، سيلان
الأنف والعيون، تعرق، نوم متقطع، رجفة وقشعريرة، تسارع
خفقان القلب، وغير ذلك من أعراض الامتناع.
وهذه الأعراض تتغير من شخص الى آخر. وتتوقف على نوعية
المخدرات، وعلى الفترة الزمنية التي استغرقها المدمن في
تعاطي المخدرات.
- الإدمان النفسي:
الإدمان النفسي مرتبط بتعود المتعاطي على تناول مادة
معينة، يصعب عليه ترك تعاطيها. وبما ان المخدرات تنقل
متعاطيها من العالم الطبيعي إلى عالم وهمي، فمجرد التوقف
عن تعاطيها يشعر المدمن انه عليه تناولها. ويصاحب ذلك
اعتقاد بأنه لا يستطيع التوقف عنها. ويصاب بشعور تعكر
المزاج، والضيق والحزن، و يشعر بأنه لا يقوى على القيام
بأي شيء. وتوجد أنواع من المخدرات يؤدي انتهاء مفعولها إلى
الشعور بالكآبة والانحطاط النفسي وعدم المبالاة.
وعادة ما يصاب المدمن بأعراض نفسية وجسدية معا. وكلما
طالت مدة تعاطي المخدرات تكون الأعراض أقوى، ويصبح التوقف
عن التعاطي صعبا جدا.
زيادة الجرعة:
بعد انتهاء مفعول جرعة المخدرات، يتناول المدمن جرعة
أخرى ليتجنب أعراض الامتناع الجسدية والنفسية، وليهرب من
مشاكله التي أراد أن ينساها بالمخدرات، غير أن كمية الجرعة
لا تكفي لأداء نفس المفعول، وإيصال صاحبها إلى عالمه
الوهمي الذي دخله بالجرعة الأولى.
هذا يؤدي إلى زيادة في كمية الجرعة. وهو أمر يبدأ في
الارتفاع المضطرد، كل جرعة قادمة ستكون أكبر من سابقتها.
وبوصول المدمن إلى هذه المرحلة، أصبح هو عبداً
للمخدرات، وتصبح المخدرات أهم شيء في حياته، يفعل في
سبيلها أي شيء.
|